رسالة إلى أخي المبتعث

بسم الله ، وبه أستعين ، ربِّ يسر وبارك بفضلك يا كريم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أخي المبتعث السلام عليك ورحمة الله وبركاته ، إليك أخي الكريم أبعث رسالتي هذه ملؤها الحب ؛ حبُ سعادتك وراحتك ، حب فوزك ونجاحك ، حب سلامتك وعافيتك، لا سيما وأنك بأمَسِّ الحاجة إلى من يشد أزرك، ويقوي عضدك، ويعينك على تحقيق هدفك الأصيل من هذا الابتعاث، فرأيت أن أكتب لك ما يختلج في نفسي عسى أن يصل إلى نفسك، وتصغي له بقلبك قبل أذنك، وترعيه اهتمامك، وتأخذه بعين الاعتبار ليتحقق لك نجاحك في هذه الحياة؛ بل وفي الآخرة بإذن الله تعالى ، وهو ما نتمناه لك ، جعلك الله من المفلحين الفائزين ، وأسأله سبحانه أن ينفعك بهذا القول ، وأن يجعله لك ربحا ومغنما ، وإلى الخيرات مرتقى وسلَّما ، وعن الشرور والآفات صارفا ومسلِّما .
أخي المبتعث إن أغلى ما تملكه في هذه الحياة هو: دينك دين الإسلام. فبه النجاة والطمأنينة والسعادة والفلاح والفوز في هذه الدنيا ويوم يقوم الأشهاد! فأحرص أشد الحرص على التمسك به وإقامة شعائره، فإنّ كلّ مصيبة تهون إلا مصيبة الدين، وكلّ خسارة تُعَوَّض إلا خسارة الدين:

وكلّ كسر الفتى فالدين جابره
والكسر في الدين صعب غير ملتئم

أخي المبتعث احذرهم أن يفتنوك فإنّ في ديار الكفر من يستهدف دينك العظيم وأخلاقك القويمة، فاثبت على دينك فإنّك على الحق المبين والصراط المستقيم ((صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ)) [الشورى:53].
وإنّ لهم في الدعوة إلى أديانهم المحرفة وأخلاقهم المنحطة وسائل شتى، فتسلَّح بالعلم الشرعي وكن على صلةٍ دائمة بكتاب ربك وقراءته وتدبر آياته، وقراءة كتب أهل العلم، والاتصال بهم في كلّ ما يشكل عليك، وليكن شعارك: " والذي نفسي بيده لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الدين ما تركته " قال الله جل وعلا عنهم: ((وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ)) [الممتحنة:2]، وقال: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)) [آل عمران]، وقال: ((وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً)) [النساء:89]، وقال: ((وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ)) [البقرة:109]. وليُعلم أنّ محاولات صرفهم للمسلم عن دينه إنّما هي لأجل أن يتحول من عبادة الله إلى عبادتهم وطاعتهم، وتنفيذ مخططاتهم، فيكون لهم لساناً ويداً ورجلاً؛ يعود بالنقض على عقيدته، والحقد والغيظ على أمته، وقد لا يكون ضروريا عند بعضهم أن يدخل في دينهم؛ لكن المهم عندهم أن يتخلى عن دينه وأخلاقه ويكون موالياً لهم، والله جل وعلا يحذرنا من ذلك فيقول: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ)) [المائدة].
أخي المبتعث أنت في " ابتعاث "! وستعود إن شاء الله إلى بلدك، وسيأتي عليك يوم تُبعَث فيه ولكنه ابتعاث بلا عودة! إنه بعثك إلى الله! ((قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)) [التغابن:7]، فخذ من ابتعاثك لبعثك، وخذ من حياتك لموتك، واعلم أن مدة ابتعاثك جزء من عمرك، وسُتسأل عنها يوم أن تقف بين يدي ربك، فأعِدَّ للسؤال جوابا؟
وما أنت فيه من ابتعاث إنما هو لمصالح دنيوية؛ فلا يشغلك هذا عن مصالحك الأخروية، بل اجعل الأولى مطية للأخرى، وإياك إياك:

أن " تؤثر الأدنى على الأعلى فتحـ
ـرم ذا وذا يا ذلة الحرمان "

أخي المبتعث إنّ مقياس العزة والكرامة هو: الإيمان بالله وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم، والانقياد لشرعه؛ لأنّ المؤمن بالله والمسلم أمره إليه عبدٌ لله وحده وليس عبداً لأحدٍ من الخلق، فأيقن أنّك بدينك الحق " الإسلام " أعز إنسان على وجه الأرض، وأنّ الذلة والهوان في الكفر بالرحيم الرحمن؛ لأنّ الكفار لما تخلوا عن عبادة الله وأشركوا معه غيره صاروا عبيداً لبعضهم البعض وأسرى لشهواتهم وأهوائهم الضالة:

هربوا من الرق الذي خلقوا له
فبلوا برق النفس والشــيطان

لا ترض ما اختاروه هم لنفوسهم
فقد ارتضوا بالذل والحرمان

فلا يغرنك ما تراه فيهم من تطور وتقدم ورقي في أمور الحياة الدنيا ، فإنهم فقط ((يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)) ولكن ((وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ)) [الروم: 7] قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى: " اعلم أنّه يجب على كلّ مسلم في هذا الزمان أن يتدبّر آية ( الروم ) هذه تدبّرًا كثيرًا، ويبيّن ما دلّت عليه لكلّ من استطاع بيانه له من الناس.
وإيضاح ذلك أنّ من أعظم فتن آخر الزمان التي ابتلى اللَّه بها ضعاف العقول من المسلمين، شدّة إتقان الإفرنج لأعمال الحياة الدنيا، ومهارتهم فيها على كثرتها، واختلاف أنواعها مع عجز المسلمين عن ذلك، فظنوا أنّ من قدر على تلك الأعمال أنّه على الحق، وأنّ من عجز عنها متخلّف وليس على الحق، وهذا جهل فاحش، وغلط فادح. وفي هذه الآية الكريمة إيضاحٌ لهذه الفتنة، وتخفيف لشأنها أنزله اللَّه في كتابه قبل وقوعها بأزمان كثيرة، فسبحان الحكيم الخبير ما أعلمه، وما أعظمه، وما أحسن تعليمه.
فقد أوضح جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة أنّ ( أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ )، ويدخل فيهم أصحاب هذه العلوم الدنيوية دخولاً أوليًّا، فقد نفى عنهم جلَّ وعلا اسم العلم بمعناه الصحيح الكامل، لأنّهم لا يعلمون شيئًا عمّن خلقهم، فأبرزهم من العدم إلى الوجود، ورزقهم، وسوف يميتهم، ثم يحييهم، ثم يجازيهم على أعمالهم، ولم يعلموا شيئًا عن مصيرهم الأخير الذي يقيمون فيه إقامة أبديّة في عذاب فظيع دائم، ومن غفل عن جميع هذا فليس معدودًا من جنس من يعلم؛ كما دلّت عليه الآيات القرآنية المذكورة، ثم لما نفى عنهم جلَّ وعلا اسم العلم بمعناه الصحيح الكامل، أثبت لهم نوعًا من العلم في غاية الحقارة بالنسبة إلى غيره.
وعاب ذلك النوع المذكور من العلم، بعيبين عظيمين:
أحدهما: قلّته وضيق مجاله، لأنه لا يجاوز ((ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)) ، والعلم المقصور على ظاهر من الحياة الدنيا في غاية الحقارة، وضيق المجال بالنسبة إلى العلم بخالق السماوات والأرض جلَّ وعلا، والعلم بأوامره ونواهيه، وبما يقرب عبده منه، وما يبعده عنه، وما يخلد في النعيم الأبدي والعذاب الأبدي، من أعمال الخير والشر.
والثاني منهما: هو دناءة هدف ذلك العلم، وعدم نبل غايته، لأنه لا يتجاوز الحياة الدنيا، وهي سريعة الانقطاع والزوال، ويكفيك من تحقير هذا العلم الدنيوي أن أجود أوجه الإعراب في قوله: ((يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا)) ، أنه بدل من قوله قبله ( لاَّ يَعْلَمُونَ )، فهذا العلم كلا علم لحقارته..."([1])
وماذا تنفعهم دنياهم وتقنيتهم وهم تاركوها لا محالة وقادمون على الآخرة وهم لم يصنعوا لها ما ينجيهم فيها، ألم نسمع قول الله تعالى: ((وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا)) [الفرقان:23]؟ وأنت بثباتك على دينك وعدم اغترارك بهم ستكون يوم القيامة ممن قال الله فيهم بعد هذه الآية مباشرة: ((أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا)) [الفرقان:24]، أسأل الله لك ذلك .
واعلم يقينا أن ما حل بالمسلمين من ضعف وذلة وتأخر إنما هو من أنفسهم لا بسبب دينهم؛ لأن دين الإسلام كما أوضح العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - يدعو إلى الصلاح والإصلاح، والاستعداد بالقوة المعنوية والقوة المادية من كل وجه، ويدعو إلى قوة المسلمين ومقاومتهم لأعدائهم وإلى السلامة من كل أضرارهم، أفبتفريط أهل الدين يُحتَج على الدين؟ أليس هذا التفريط يوجب على أهل البصائر منهم أن يكون لهم جهود متضاعفة في تحصيل أسباب القوة المادية والعلوم المتطورة لينصروا بها دينهم ويرفعوا بها أمتهم؟
وهل يرضى العاقل أن يشارك قومه في حال عزهم وقوة عددهم وعُدَدِهم ويفارقهم في حال ذلهم ومصائبهم ويخذلهم في حالةٍ هم فيها أحوج ما يكونوا إليه وإلى أمثاله من شبابهم وأبناء دينهم؟! وما هذا إلا حال المنافقين الذين قال الله عنهم: ((الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا)) [النساء:141].
ثم إني أزيدك أخي المبتعث بياناً: أن هذه المظاهر التي نراها من الكفار قد نبهنا الله في كتابه ألا نغتر بها، فلولا أنه تعالى قد علم أنها من طرق الغرور ووسائل الخداع لما نبهنا عليها وأرشدنا وحذرنا أن نغتر بها كما قال تعالى: ((لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ)) [آل عمران]، ((فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ)) [غافر : 4]، فبين لنا أن هذا الاغترار مصيدة للجاهلين، وأن الله أرى عباده من وقائعه وآياته في الأمم الظالمة ما حصلت به العبرة، وأن من بنى أمره ومسالكه على الاغترار بما مُتِّعوا به فإنه جاهل أحمق، عقله قاصر ونظره قاصر، وأيضاً فقد أخبر تعالى في آيات كثيرة أنه يستدرجهم فيما أعطاهم فيغترُّون ويُغترُّ بهم بهم، وهذا هو الواقع منهم وممن تَعَشَّق أحوالهم، وأنَّه تعالى يمهلهم ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر.
ولسنا ننكر أن الله أعطاهم أسبابا عظيمة تدرك بها المطالب؛ لكن هذه الأسباب إن لم تُبْنَ على الحق والدين الحق صار ضررها أكبر من نفعها، هذا في الدنيا، أما في الآخرة فليس لهم فيها من نصيب ولا خلاق.
وما أحوجك أخي المبتعث إلى مراجعة ما كتبه العلامة السعدي في كتابه " أصول عظيمة من قواعد الإسلام "؛ ليزيد إيمانك، ويقوى يقينك، ويثبتك الله به على منهجك الحق.
أخي المبتعث قف على حقائق في القوم تحميك من الانبهار وتقيك من العثار ، أي حضارة هذه يُنبَهر بها وهي قائمة على:
· الإلحاد وإنكار الرب جل وعلا أو الإشراك به غيره من المخلوقين؟
· التناقض والاضطراب الذي أنتج الوحشة القلبية والخواء الروحي والانحرافات الفكرية عندهم، حتى أصبحوا يعيشون في ((ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ)) [النور:40]، ولذلك يكثر الانتحار عندهم! وتعاطي المخدرات والخمور .
· البهيمية الحيوانية في إشباع الغرائز الجنسية، حتى قننوا للزنا واللواط والفجور والدعارة قوانين تحميها، فانتشرت بينهم الطواعين والأمراض القاتلة .
· التفكك الأسري والشتات الاجتماعي الذي يعيشه القوم، فالأب لا علاقة له بابنه إذا بلغ الثامنة عشر، يفعل ما يشاء وإذا اعترض الأب فالقانون مع الولد العاق، وعندما يكبر الأب فمحله دار العجزة، والأم لا تزار عندهم إلا قليلا حتى حددوا لها يوما واحدا في السنة يسمونه " عيد الأم "! والرجل لا ينفق على زوجته، حتى إذا دخلا مطعما سويا كلٌّ يحاسب عن نفسه!! وللزوجة أن تصادق غيره وتخالطه على مرأىً ومسمعٍ منه بلا غيرة ولا رجولة ولا أنفة!!
فأي شتات فوق هذا الشتات!! وأي تمزق للنسيج الأسري فوق هذا التمزق!؟
· تقديسهم للحيوانات من كلاب وقطط حتى بلغ الحال ببعضهم إلى أن أصبح الكلب جليس الواحد منهم وأكيله وشريبه ورفيقه في الحل والترحال وفي اليقظة والنوم ؛ حتى صدرت وصية أحدهم بأرقام خيالية من المال لكلبه الأليف له .
· بل وصل هذا التطور بهم إلى ( وجود شركات لبيع الأرحام وتأجيرها، وشركات لبنوك المني وبيع مني العباقرة والفنانين.. وشركات لبيع الحيوانات المنوية والبييضات.
وقد ثارت قضايا أمام القضاء بأنها - مثلاً - رغبت ماء رجل أبيض فولدت أسود أو بالعكس، أو أنها حصلت على ماء رجل مصاب بمرض جنسي، وهكذا مما يثبت أن الطب الغربي أخذ بتقدمه الجنوني إلى أعمال: الانهيار الأخلاقي والكيان الإنساني من أساس بنيته )([2]).
· تقديسهم للرأسمالية الأنانية التي همها جمع المال من حلال أم من حرام، طيب أو خبيث، وإطلاق الحريات الشخصية بلا ضابط ولا وازع من حياء ولا خلق ولا دين!
· الحقد الدفين على الإسلام والمسلمين! فكم تعدّوا على القرآن! وعلى رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام! وكم نهبوا من تراث وثروات المسلمين! وكم سفكوا من دمائنا وكم قتلوا من المسلمين في حروبهم الصليبية القديمة، والجديدة .
فلا بد إذاً من إدراك حقيقة ما عليه الغرب من: انحراف عقدي، وبهيمية وانحطاط أخلاقي، وفقدان لصمام الأمن والأمان عندهم، وتجلية ذلك حتى نعرف حقيقة تطور القوم وزيف بهرجتهم، حتى لا يغتر غافل أو ينحرف جاهل .
أخي المبتعث أصلح نيتك في هذا الابتعاث وما تحصله فيه من علم؛ لتساهم في إصلاح حال أمتك، وترفع به من شأنها، وتسعى في رُقيِّها وتقدمها، ولتنصر دين الله بذلك، والله الله في الجد والحرص على الوقت فيما ذهبت لأجله ، وأعظم بنيتك ما أرفعها إن نويت به أن تأخذ من علومهم الدنيوية ما تخدم به دينك وتعطيهم من علومك الدينية ما تصلح به دينهم .

أخي المبتعث صلاتك نجاتك: فلا يُلْهينَّك ما ترى من المناظر والمنتزهات عن ذكر الله وإقام الصلاة، فهي عمود إسلامك، وهي الحبل الواصل بينك وبينه جل وعلا، وأنت في ابتعاثك هذا في أحوج ما تكون إلى حفظ الله لك من مضلات الفتن، فاحفظ الله في الصلاة يحفظك الله من كل سوء، ويعصمك من الضلال، ويردك إلى أهلك سالماً غانماً آمنا، معافى من أوبئة هؤلاء ولوثهم ، وتذكر قوله تعالى ((وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)) [ الحشر: 19]، وقوله ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)) [المنافقون:9]، وقول نبيك صلى الله عليه وسلم: (( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ))([3])، وقوله: (( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ))([4]). وإذا صلحت صلاتك صلح دينك ودنياك، وكنت على صلةٍ دائمة بالله خالقك ومولاك، ومن كان دائم الصلة بالله كان الله معه، ومن كان الله معه فمم يخاف؟ وهي واجبة على الرجال جماعة في بيوت الله التي أذن الله أن ترفع لذلك .
أخي المبتعث أكثر من ذكر الله يذكرك الله ((فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ)) [البقرة:152] وذكر الله –جل وعلا عبادة عظيمة، ذات ثمار وآثار مباركة كثيرة؛ فهو مرضاة للرحمن، ومطردة للشيطان، ومزيل عن القلب صدأ النفاق والقسوة والغفلة والهموم والأحزان، وجالب له الحياة وقوة الإيمان، واللذة والفرح والسرور والأمان والاطمئنان. هو قوت القلب والروح، وبه قوته وقوة البدن، يسهل الصعاب، ويخفف المشاقّ، وهو الدواء وبه الشفاء، ينور الوجه ويكسوه حلاوة ونضرة وضياء، ويجلب لصاحبه الرزق والعطاء، ويدفع عنه الشرور والبلاء، ويورثه المحبة والمراقبة والإنابة والخشية واليقظة إلى التوحيد، والقرب والمعية الخاصة وقوة المعرفة والهيبة والإجلال للعزيز الحميد. يحط الخطايا حطا، ويكسر حاجز الوحشة بين العبد وبين ربه كسرا، ويذكره بربه سبحانه في الرخاء والسراء؛ ليذكره في الشدة والضراء. به السعادة والنجاة، والأمان من الحسرات، وأصحابه هم السابقون المستظلون بعرش الله –تعالى- في العرصات، وفي هذه الدنيا تتنزل عليهم السكينة، وتغشاهم الرحمة، وتحفهم الملائكة، هم أكرم الخلق على الله، ما نسوا الله فلم ينسهم، وذكروه فصدَّقهم، وباهى ملائكته بهم فصلوا عليهم واستغفروا لهم، وصلوا على نبيه –صلى الله عليه وسلم- فصلى عليهم، وذكرهم في **ملأ خير منهم. لا يزال اللسان به رطبا ومصونا عن الحرام، ومُبعَدا عن الوقوع في الآثام، ومع أنه خفيف يسير عليه لكنه ثقيل في الميزان، حبيب إلى الرحمن، نور للذاكر في الدنيا، وفي ظلمات القبر، ويوم لقاء الديّان، يسير صاحبه وهو قاعد على فراشه فيسبق القائم مع الغفلة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. هو رأس الشكر، وأصل الموالاة، ومنشور الولاية، يجمع على العبد ما تفرق من قلبه وإرادته، ويفرق ما اجتمع عليه من الذنوب والخطايا المورثة للضيق والاكتئاب، وفي القلب خلة لا يسدها شيء البتة إلا ذكر الله عز وجل. ينوب عن كثير من الأعمال، ويفضلها ويعين عليها؛ بل إن جميع الأعمال لم تشرع إلا لتحصيله، وأفضل أهل كل عمل أكثرهم فيه لله ذكرا. مجالسه رياض الجنة، بها تتقلب ملائكة الرحمة، وبأصحاب هذه المجالس تتباهى وتستبشر الجبال والقفار، ويشهد لهم كل من سمعهم يرددون الأذكار. وهذا الذكر سد حاجز بين العبد وبين جهنم، وحبل واصل بينه وبين الجنة، أشجارها به تغرس، ودورها به تبنى، ويدخلها الذاكر ضاحكا مسرورا! ([5]).
أخي المبتعث راقب الله في سرك وعلانيتك، ولا تجعل الله تعالى أهون الناظرين إليك، واجعل نُصب عينيك قول الله : ((أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ)) [ الزخرف: 80].
وليُعلَم: أن النظر المحرم طريق الفواحش والآثام، والله تعالى ((يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ)) !

كل الخواطر مبدؤها من النظر
ومعظم النار من مستصغر الشرر

كم نظرة فتكت في قلب صاحبها
فتك الســــهام بلا قوس ولا وتــر

وليحذر المبتعث من اتباع خطوات الشيطان وتسويله بمقاربة الفواحش وبؤرها، ومظان الفتن ومواقعها، وليعف نفسه عنها، ليكون من الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله:(( شاب نشأ في طاعة الله،...ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله))([6])، ولا تنس قول نبي الله يوسف – عليه السلام -: ((مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)) [يوسف: 23 ].
ثم إن أرحم الراحمين ما حرَّم الفواحش إلا لمقاصد عظيمة وحكم جليلة يدرك كثيرا منها كل عاقل، منها أنه إذا انتشرت هذه الفواحش انتشرت معها الأمراض الجنسية الخطيرة القاتلة كمرض " الإيدز " والزهري وغيرها، ومما ينبغي التنبه له ما ذكرته بعض مراكز مكافحة الإيدز أن الإيدز في مراحله الأولى " السبع السنوات الأولى " لا يسبب أعراضاً مرضية ظاهرة، مما يعني أن الشخص المصاب يقوم بنقل العدوى في المجتمع دون معرفة بحمل هذا الفيروس!!([7])
ولهذا: يتغافل بعض الشباب عن هذا ليشبع شهوته في حبائل الفواحش المحرمة، فإذا به يُفاجأ بعد فترة بأنه مصاب بطاعون " الإيدز "!! ويصبح حينها في عِداد منتظري الموت بعد ما أغضب ربه، وهتك شرفه، ونحر عفافه، وجر على نفسه وعلى أهله خزي الآخرة وفضيحة الدنيا وعار الأبد!! وأما عقوبة الآخرة فشأنها أشد وأمرها أفظع ، أجارك الله من خزي الدنيا وعذاب الآخرة .
وهكذا ليكن المبتعث على حذر من كل ما يُذهب العقل ويجرح العدالة ويُوهِن الدين من المسكرات والمخدرات، فإنها طريق الهلاك وبوابة الدمار، ومن تبع هذه المسالك فلن يحصل ديناً ولا دنيا! وفي تعاطيها وترويجها إفساد في الأرض وخيانة للأمة وفَتْكٌ في شبابها، وتدميرٌ لطاقاتهم .
أخي المبتعث واعلم أن كل مبتعث عرضة لكل هذه المخاطر السلوكية والفكرية فما أمسّ حاجته إلى دين قويم يحميه من الانحراف في سلوكه بتتبع الشهوات ، وإلى علم شرعي يقيه من المنزلقات الفكرية والشبهات المفسدة ، ولقد قال أهل العلم كلمتهم نصحا للأمة في الابتعاث وبيان أخطاره العظيمة وأضراره الوخيمة ، فكن ـ وقد بليت به ـ في أشد الحذر وتمام الحيطة :

واصنع كماش فوق أر
ض الشوك يحذر ما يرى

ولا عاصم إلا الله ، أسأله جلّ في علاه أن يحفظ عليك دينك ، وأن يقيك من فتن الشهوات والشبهات إنه سميع مجيب ، وإن رأيت دينك في ذهاب واستلاب فالفرار الفرار والنجاء النجاء .
وأمّا أنتِ يا أَمَة الإسلام فلا أدري ما أقول ، إذ نسمع بنوائب من هولها تُدمى القلوب وتتفطر الأكبادُ ، والقلبُ يعتصره ألم وتعتوره حسرة ويكتنفه أسف ، شفقةً عليكِ ورحمةً بكِ وغيرةً على مقامكِ المصون وقدركِ العظيم ، فإنكِ في معدِن الطيب والخير ربيتِ ، وفي بيت العفاف والشرف نشأتِ ، وفي بلاد الإيمان والهدى ولدتِ ، وعلى ثرى أرض النبوة والرسالة درجتِ ، فوازني – رعاكِ الله – بين ما نشأت عليه وما أنت صائرة إليه هل بينهما التئام أو انفصام ؟ فإن كانت الأخرى – وإلى الله وحده المشتكى – فانفصام عمّاذا وإلى ماذا وإلى أين ؟ ألا تتفكرين وتقولين من أعماق قلبكِ :

رحماك رحماك يا اللهُ من خطري
رحماك رحماك أن ألقى إلى سقرِ

عافاكِ اللهُ ووقاكِ ، وعن موارد سخطه حماكِ ، ومن دخول لظى نجاكِ ، وإلى منازل رضوانه هداكِ .
أخي المبتعث احفظ لولاة أمرك حقهم ولعلماء بلادك قدرهم ولوطنك خصوصيته فبلادك معقل الإسلام، وفيها قبلة المسلمين والحَرَمان الشريفان، وفيها تُؤدّى مناسك الحج والعمرة، وفيها وُوري الجسد الشريف لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومنها شع النور وانطلق الهداة المصلحون من الصحابة ومَن بعدهم في أنحاء الأرض لهداية الخلق وإخراجهم من الظلمات إلى النور. واحذر أشد الحذر من أفراد وجماعات لا تخلو منهم تلك الديار يدعون من خالطهم إلى التمرد على ولاة الأمر والافتيات على أهل العلم والانقلاب على البلاد بالشر والعدوان .
أخي المبتعث إنك في ابتعاثك في غربة في الدين وغربة في الوطن، فتخير لك أيها المبتعث رفاقاً صالحين يعينونك على طاعة الله، ويدلونك على الخير، ولتحرص على التعرف على المساجد والأحياء التي يقطنها المسلمون لتكون قريباً منهم، تؤدي الصلاة معهم، وتتواصوا بالحق وبالصبر.
وليكن المبتعث على حذر من مثافنة الكفرة الفجرة والسكن في منازلهم بذريعة تعلم اللغة؛ فإن في ذلك إضعافا لدينه، وتوهينا لولائه وبرائه، وجرا له للتشبه بهم في الظاهر المورث للتشبه بهم في الباطن، وتوريطا له في محرمات تغضب ربه، ويُظلم بها قلبه، وكيف تطيب نفس مسلم عزيز أن يسكن دهرا في بيتٍ يُسَبُّ فيه خالقه، ويُكفر فيه به، ويُعبد فيه غيره، ويقدم في موائده الخمر والخنزير، ويُخالَط فيه بنات بني الأصفر! على مرأى ومسمع منه، وربما جره إبليس إلى مشاركتهم في شيء من ذلك!!
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل "([8])، وقال: " مثل الجليس الصالح والسوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك: إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحا خبيثة "([9])، وكما قيل: الصاحب ساحب، وتعلم اللغة يكون في أماكنه المخصصة لذلك.
أخي المبتعث كن خير الثلاثة فإنّ المبتعثين ثلاثة:
1- مبتعث محافظ على دينه وأخلاقه مع ظفره بالعلم الذي ابتُعث لتحصيله. وهذا ما نتمناه لك.
2- ومبتعث ظفر بتحصيل ما طلبه مع إضاعته لدينه، ولا خير في علم دنيوي زائل مع ضياع رأس المال الباقي، وفي هذا يقول الله: ((مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) [هود].
3- مبتعث ضيَّع دينه ولم يحصِّل ما سافر لأجله، وهذا خسر الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين.
فانظر لنفسك أي الغادين المبتعثين أنت!
يقول العلامة الشنقيطي: (الموقف الطبيعي للإسلام والمسلمين من الحضارة الغربية هو أن يجتهدوا في تحصيل ما أنتجته من النواحي المادية ، ويحذروا مما جنته من التمرد على خالق الكون جل وعلا فتصلح لهم الدنيا والآخرة ، والمؤسف أن أغلبهم يعكسون القضية ، فيأخذون منها الانحطاط الخلقي ، والانسلاخ من الدين ، والتباعد من طاعة خالق الكون ، ولا يحصلون على نتيجة مما فيها من النفع المادي ، فخسروا الدنيا والآخرة ، ذلك هو الخسران المبين .

وما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا
وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل)([10]).

أخي المبتعث كن داعيا لدينك الحق ((وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)) [فُصِّلَت:33]، فإن من أعظم الواجبات عليك تبليغ دينك للعالمين ، فكن داعياً إلى الله بفعلك وقولك، بفعلك: بثباتك على دينك واعتزازك به وتجنبك للمحرمات وخوارم المروءات وتعاملك بأخلاق الإسلام العالية. وبقولك: بالدعوة المباشرة لهم إلى دين الله الحق، ولتكن أنت المبادر إلى ذلك؛ لأنك إن لم تدع إلى دينك الحق فسيدعونك هم إلى دينهم الباطل، فكن أنت السابق، واستعن بالله على ذلك وتوكل عليه، واستعمل الوسائل الدعوية المعرفة بالإسلام كالكتاب والمطوية والشريط، فإن كثيرا من الكفار يتخبطون في ظلمات الكفر حيارى ينتظرون من ينتشلهم ويخرجهم من ظلمات كفرهم وفجورهم وظلمهم إلى نور الإسلام وعدله. ولأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك مما ذهبت إليه، بل ومن الدنيا وما فيها.
أخي المبتعث حافظ على الدعاء فإنّه مفتاح كلّ خير ، إذا خرجت من بيتك في بلدك ادعُ الله قائلاً: (بِسْمِ اللهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ، لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ). والزم هذا الدعاء كلما خرجت من منزلك هناك، ليقال لك كلما قلته" قَدْ كُفِيتَ وَهُدِيتَ وَوُقِيتَ " وقل كذلك : ( اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ أنْ أَزِلَّ أَوْ أَضِلَّ، أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ، أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يَجْهَلَ عَلَيَّ ) .
ما أحوجك في ابتعاثك إلى دعاء ربك، وسؤاله التوفيق والسداد فيما سافرت لتحصيله، والتضرع إليه ليحرسك ويحفظ عليك دينك وإيمانك، فأكثر من الدعاء، ولا تفتأ من ترداد هذه الدعوات الربانية النبوية:
- ((رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)) [آل عمران:8].
- ((عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85) وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)) [يونس].
- ((رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)) ) [الممتحنة:5].
- ( يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ ) رواه الترمذي.
- ( اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك ) رواه مسلم.
- «اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى، وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى» رواه مسلم.
- «اللهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تُحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمَنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمَنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ عَلَيْنَا مَصَائِبَ الدُّنْيَا، اللهُمَّ أَمْتِعْنَا بِأَسْمَاعِنَا، وَأَبْصَارِنَا، وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمْنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْثَرَ هَمِّنَا، وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا» رواه النسائي.
- ( اللهم اهدني وسددني، اللهم إني أسألك الهدى والسداد ) رواه مسلم.
- «رَبِّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ، وَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ، وَامْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرْ هُدَايَ إِلَيَّ، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي لَكَ شَاكِرًا، لَكَ ذَاكِرًا، لَكَ رَاهِبًا، لَكَ مِطْوَاعًا، إِلَيْكَ مُخْبِتًا ، لَكَ أَوَّاهًا مُنِيبًا ، رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتِي، وَأَجِبْ دَعْوَتِي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي، وَاهْدِ قَلْبِي، وَسَدِّدْ لِسَانِي، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ قَلْبِي» رواه أبو داود والترمذي .
ثبتنا الله وإياك على الإسلام والسنة إلى بلوغ الأجل ، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

____________________
([1]) أضواء البيان: 6/166.
([2]) طفل الأنابيب، ضمن فقه النوازل للشيخ بكر أبو زيد: 1/275.
([3]) رواه مسلم برقم ( 134 ).
([4]) رواه الترمذي في سننه برقم ( 2621 ).
([5]) انظر هذه الفوائد للذكر مفصلة في: الوابل الصيب: ص94- 215.
([6]) رواه البخاري في صحيحه برقم ( 1423 )، ومسلم في صحيحه برقم ( 1031 ).
([7]) انظر: صحيفة رأي الإخبارية: 22/4/2009م.
([8]) رواه أحمد في مسنده برقم ( 8417 ).
([9]) رواه البخاري في صحيحه برقم ( 5534 ).
([10])أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - (3 / 505)