الدعاء جماع الخير

قال مطرف بن عبد الله بن الشخير: ((تذكرتُ ما جماعُ الخيرِ فإذا الخيرُ كثيرٌ؛ الصومُ والصلاةُ وإذا هو في يدِ اللهِ عز وجل وإذا أنتَ لا تقدر على ما في يد الله عز وجل إلا أنْ تسأَلَهُ فيعطيَك فإذا جماعُ الخير الدعاءُ)). الزهد للإمام أحمد (1330).
الدعاء أساس الخيرات ومفتاح الفضائل والمكرمات؛ لأن الأمور كلها بيد الله عطاء ومنعا, خفضا ورفعا, عزا وذلا، فمن وفق للدعاء فقد نال مفتاح الخير، قال الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه الفوائد (ص:127 ـ 128): (( أساسُ كلِّ خيرٍ أن تعلَم أنَّ ما شاء اللهُ كان وما لَم يشأ لَم يكن، فتيقَّن حينئذٍ أنَّ الحسناتِ مِن نِعمه فتشكرَه عليها وتتضَرَّعَ إليه أن لا يقطعَها عنك، وأنَّ السيِّئاتِ مِن خذلانِه وعقوبتِه، فتَبْتَهِلَ إليه أن يَحُولَ بينك وبينها، ولا يَكِلَكَ في فعلِ الحسنات وترك السيِّئات إلى نفسِك، وقد أَجْمع العارفون على أنَّ كلَّ خيرٍ فأصلُه بتوفيقِ الله للعبد، وكلَّ شرٍّ فأصلُه خذلانه لعبده، وأجمعوا أنَّ التوفيقَ أن لا يكِلَك الله إلى نفسك، وأنَّ الخذلانَ هو أن يخلي بينَك وبين نفسك، فإذا كان كلُّ خيرٍ فأصلُه التوفيق وهو بيد الله لا بيد العبدِ؛ فمفتاحُه الدعاءُ والافتقارُ وصدقُ اللَّجَأ والرغبةِ والرهبةِ إليه، فمتى أعطى العبدَ هذا المفتاحَ فقد أراد أن يفتح له، ومتى أضلَّه عن المفتاح بقي بابُ الخير مُرْتَجًّا دونه ... وما أُتي مَن أُتي إلاَّ مِن قِبَل إضاعة الشكرِ وإهمالِ الافتقار والدعاء، ولا ظَفِرَ مَن ظَفِرَ ـ بمشيئة الله وعونِه ـ إلاَّ بقيامه بالشكرِ وصدقِ الافتقارِ والدعاء )).