علم السلف

قال حماد بن زيد رحمه الله: قيل لأيوب: العلم اليوم أكثر أم قلّ اليوم؟ قال: الكلام اليوم أكثر و العلم كان قبل اليوم أكثر. (المعرفة والتاريخ للفسوي 2/ 302)

قال ابن القيم رحمه الله: "ففرق هذا الراسخ بين العلم والكلام. فالكتب كثيرة جدا، والكلام والجدال ‌والمقدرات ‌الذهنية كثيرة، والعلم بمعزل عن أكثرها، وهو ما جاء به الرسول عن الله. قال تعالى: {فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم} وقال: {ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من لعلم} وقال في القرآن: {أنزله بعلمه} أي وفيه علمه.
ولما بعد العهد بهذا العلم آل الأمر بكثير من الناس إلى أن اتخذوا هواجس الأفكار وسوانح الخواطر والآراء علما، ووضعوا فيها الكتب، وأنفقوا فيها الأنفاس، فضيعوا فيها الزمان، وملأوا بها الصحف مدادا والقلوب سوادا، حتى صرح كثير منهم أنه ليس في القرآن والسنة علم، وأن أدلتها لفظية لا تفيد يقينا ولا علما، وصرخ الشيطان بهذه الكلمة فيهم، وأذن بها بين أظهرهم، حتى أسمعها دانيهم لقاصيهم، فانسلخت بها القلوب من العلم والإيمان كانسلاخ الحية من قشرها والثوب عن لابسه". (الفوائد لابن القيم ص151-152)